علامات فارقة في مسيرة الصحافة العربية
المقدمة
للصحافة العربية دور اساسي في ايصال الرسالة الاعلامية
والتواصلية الى ابناء الوطن العربي والسعي الى توظيف وظائفها في خدمة التاريخ
والمواطن العربي بشكل يسهم في عملية التأثير في المجتمع العربي من شرق الوطن الى
مغربه وتكوين صحافة عربية ملتزمة متعددة الاهداف والوظائف ، فخلال المدة الماضية
من عمر الصحافة العربية ظهرت الى الوجود عشرات بل مئات الصحف العربية في مختلف
التخصصات لتلائم اهتمامات الشارع العربي وتحط فوق همومه ومشاكله في محاولة منها
الى الاشتراك مع المواطن العربي في الوصول الى اهداف مشتركة وبناء مجتمع حضاري بما
يخدم مسيرة العرب وتاريخهم الطويل الذي عرف بالإنجازات البشرية الهائلة على مستوى
العالم (1) .
وخلال مسيرة الصحافة العربية ظهرت صحف مميزة حق للتاريخ
ان يقف عندها وينشر تاريخها بكل احترام من خلال مسيرتها الاعلامية والخدمية ، فكان
لكل بلد عربي صحيفة او اكثر تميزت بأدائها الاعلامي المتميز وقدراتها الكبيرة في
العطاء الاعلامي والتواصلي خدمة للمجتمع ولأبنائه .
وسنحاول هنا تسليط الضوء على بعض هذه الصحف بإيجاز لان
ذلك يعد ضمن عملية تسليط الضوء على تاريخها ومنجزاتها ولكونها ساهمت في عملية
الاتصال مع الجمهور وايصال مفردات رسائلها بالنص والصورة والفكرة لتكون رافدا من
روافد محور الخبرة الانسانية (2).
جريدة الاهرام المصرية (3)
جريدة الأهرام هي صحيفة قومية مصرية. ويرأس تحريرها
حاليا محمد عبد الهادي علام كما يرأس مجلس إدارتها احمد السيد النجار. بدأت كجريدة
أسبوعية بأربع صفحات، ثم تطورت إلى يومية، تصدر صحيفة الأهرام حاليا ثلاث طبعات
يومية محليا إلى جانب طبعة دولية تطبع يوميا بعد أن تنقل صفحاتها بواسطة الأقمار
الصناعية، في لندن ونيويورك وفرانكفورت، وطبعة عربية تطبع في دبي والكويت. وطبعة
إليكترونية تتيح لعشاق الأهرام متابعته في أي وقت ومن أي مكان في العالم على شبكة
الإنترنت.
تأسست الأهرام في 27 ديسمبر 1875 من قبل اثنين من
الأشقاء اللبنانيين، بشارة وسليم تقلا، الذين كانوا يعيشون في ذلك الوقت في
الإسكندرية (4) . وصدر العدد الأول في 5 أغسطس 1876، في المنشية بالإسكندرية، كما
انها بدأت صحيفة أسبوعية تصدر كل يوم سبت، ولكن بعد شهرين من تأسيس الصحيفة، حولها
الاخوة إلى صحيفة يومية. وقد تم توزيع هذه الصحيفة في مصر وبلاد الشام. في نوفمبر
عام 1899، تم نقل مقر الأهرام للقاهرة. وقد كانت الأهرام منذ صدورها الأسبوعي تهتم
بالأخبار الرصينة، وتمتنع عن التوافه، وكان سليم تقلا يرى في الصحافة رسالة ووظيفة
تأبى على حاملها أن يزل في لفظ أو يخطئ في تعبير؛ لذلك كان يأنف الطعن في الأشخاص
والهيئات، ويتحرى الدقة فيما ينشر. وكان أسلوب الأهرام أكثر سلاسة ووضوحا من الصحف
المعاصرة لها؛ إذ استطاع سليم وبشارة -وكانا من ذوي الثقافة الفرنسية، ويمتلكان
حظا وافرا من الثقافة والبيان العربي- أن يشقا للأهرام وللصحافة المصرية والعربية
أسلوبا جديدا في الكتابة الصحفية، يبتعد عن السجع وأساليب الكتابة الإنشائية
التقليدية، واعتمدا على اللغة الرصينة السهلة التي تلائم طبيعة الصحافة السيارة
التي تخاطب القراء على اختلاف ثقافاتهم. وصف طه حسين الأهرام بأنها "ديوان
الحياة المعاصرة"؛ فالأهرام ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من
الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور الزمن كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل
على ظهرها تاريخا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، محليا ودوليا؛ فشمولها
للأحداث جعلها ديوانا للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته.
الأهرام اليومي هو الرائد المعروف الآن بدار الأهرام ،
وهي الأكبر في مصر ومقر الأهرام في منطقة بولاق في القاهرة. والطبعة العربية تسمى
الأهرام العربية تصدر في العالم العربي والعاملين المصريين في الخارج في الدول
العربية. وتنشر بشكل يومي في البحرين، والمملكة العربية السعودية والكويت
والإمارات العربية المتحدة وتوزع في مصر ومنطقة الخليج.
وقد نشرت طبعة باللغة العربية الدولية تدعى الأهرام دولي
في لندن منذ عام 1984. طباعته في كل من لندن وباريس ويتم توزيعها في جميع أنحاء
أوروبا والولايات المتحدة وكندا ومصر. الأهرام تنتج موقع إخباري متجدد باستمرار
باللغة الإنجليزية في English.Ahram.org.eg، ويدعى الأهرام أون لاين. ويتم إنتاج نسختين
الأسبوعية الناطقة باللغة الأجنبية أيضا.
كان لدى جريدة الأهرام باب يعد من أشهر أبواب رسائل
القراء وهو باب بريد الجمعة والذي كان يتولاه الكاتب الصحفي الراحل عبد الوهاب
مطاوع ويتولاه حاليا خيري رمضان. كما للأهرام أيضا نسخة أسبوعية بالغة الإنجليزية
وهي "الأهرام ويكلي" ونسخة أسبوعية بالفرنسية 'الأهرام ابدو'.
الملكية ونفوذ الحكومة
وتعود ملكية الأهرام لمؤسسة الأهرام وتعد واحدة من أكبر
الصحف المنتشرة في العالم. تملك الحكومة المصرية حصة مسيطرة من الأسهم وتعين
المحررين. وباعتبارهم معينين من الدولة، تمارس الرقابة عليها قليلا؛ ومن المفهوم
أنهم هم من الموالين للدولة. في عهد الرئيس حسني مبارك، تجاهل الناس الأهرام إلى
حد كبير، وهامشها أحزاب المعارضة حزب مبارك الحاكم ولم تنشر الكثير من الانتقاد
المباشر للحكومة. في تقرير لعام 2005 على حرية الصحافة في مصر، ذكرت أن
الافتتاحيات في العديد من الصحف ومنها جريدة الأهرام، قد تصبح حرجة بشكل متزايد من
سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي في الحكومة، وفساد نظام مبارك. وفي مقابلة مع
مراسلون بلا حدود، وقال عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير المجلة الأسبوعية العربي، أن
الحكومة تدخلت في عملية مستقلة من الأهرام عن طريق التحكم في المطابع وتعيين المحررين.
مؤسسة
الأهرام
وقد خطت "الأهرام" منذ منتصف الخمسينيات من القرن
الماضي، تحت رئاسة التحرير من قبل "محمد حسنين هيكل"، خطوات واسعة في تدعيم
وجودها كصحيفة قومية تعبر إلى حد كبير عن رأي الدولة، بعد عملية تأميم الصحافة وإلحاق
ملكيتها بالدولة، ومن ثم كان البعض يتلمس رأي وموقف الدولة المصرية من خلال صفحات الأهرام
.
وعندما انتقلت الأهرام إلى مبناها الجديد في "شارع الجلاء"
في (2 ذي القعدة 1387هـ= 1 فبراير 1968) شهدت توسعا كبيرا وتدعيما لوجودها المؤسسي؛
فوسعت خدماتها، وأنشأت عددا من المراكز المتخصصة، منها "مركز الأهرام للإدارة
والحاسبات الإلكترونية" و"مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"
في (1388هـ=1968م)، و"مركز الميكروفيلم" في (المحرم 2139هـ= مارس 1969م)
الذي يحتفظ بأعداد "الأهرام" منذ نشأتها، ومركز الترجمة والنشر في (1395هـ=
1975م) الذي تصل فيه عدد اللغات التي ينقل إليها ومنها 14 لغة في جميع فروع المعرفة
والعلم، وهو مركز اعتمدته "الأمم المتحدة" والمنظمات التابعة لها في ترجمة
وثائقها ودراساتها، كما أنشأت الأهرام عددا من المؤسسات التجارية، منها "وكالة
الأهرام للإعلان" و"مطابع الأهرام التجارية".
وافتتحت الأهرام مبنى آخر جديدا في شارع الجلاء في عام
(1414هـ= 1993م). وتصدر مؤسسة الأهرام عددا من الجرائد والمجلات، منها: الأهرام اليومية،
والأهرام الدولية، والأهرام المسائي، والأهرام ويكلي باللغة الإنجليزية، والأهرام إبدو
باللغة الفرنسية، ومجلة الشباب، والأهرام الاقتصادي، والأهرام الرياضي، والسياسة الدولية،
ونصف الدنيا، وعلاء الدين، وأحوال مصرية، والديمقراطية، ولغة العصر، والبيت. وتتبع
الأهرام المجلس الأعلى للصحافة التابع لمجلس الشورى.
سياسة
الأهرام
نشأت مع ميلاد الأهرام مجموعة من التقاليد الأصيلة التي سارت
عليها، ولم تتخطها طوال تاريخها الطويل ومع تقلبات العصور، وهو ما منحها الاعتراف بقدرها
وثقة القراء والمثقفين في آرائها، فهي جريدة محافظة ذات أصالة في الشكل والموضوع، تحافظ
على وقارها، فلا توجد صور فاضحة أو نكات خارجة، أو نقد مقذع أو هجوم عدائي، ولكن كان
الاعتدال والاتزان هما بضاعتها التي روجتها في عمرها المديد، ولعل هذا مما جعلها مفتوحة
أمام جميع الكتاب والآراء، يلتقون على صفحاتها ولا يختلفون في احترامها وإجلالها، فكانت
لسان جميع الأحزاب والسياسيين، أو هي لسان مصر بجميع تياراتها.
كذلك التزمت الأهرام بعدم التورط في الصراعات الحزبية والسياسية،
حتى قيل عنها بأنها "صحيفة بلا موقف"، ولعلها في ذلك كانت تؤثر المهنة وتقاليدها
على الحزبية وإثارتها، وهو سعي جعل الجريدة تأخذ في مسيرتها الطويلة الصفة المؤسسية
التي يطول عمرها وتزداد عراقتها، يضاف إلى ذلك أن الاتزان في المدح والقدح كان منهجها
القويم، فلم توجد لها عداوات صارخة، وهو مبدأ أرساه "سليم تقلا" في وصيته
لكل محرر جديد بقوله: "إذا رأيت كلمة تقولها يخسر معها شخص قرشا وتربح الأهرام
آلافا، فلا تقلها، ولو خسرت الأهرام فوق الربح المنتظر أضعافا".
التأريخ
الإخباري
وصف الدكتور طه حسين الأهرام بأنها "ديوان الحياة المعاصرة"؛
فالأهرام ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن
مرور الزمن كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل على ظهرها تاريخا سياسيا واجتماعيا
واقتصاديا وثقافيا، محليا ودوليا؛ فشمولها للأحداث جعلها ديوانا للأحداث بلغة عصرها
وانفعالاته واهتماماته.
وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن ظهور الصحافة قد أدى
إلى القضاء على مرحلة في التأريخ تسمى بـ"الكتابة الإخبارية"، وهي الكتابة
التي تقوم على تتبع الأخبار وفقا لتسلسلها الزمني، وكان آخر كتابين في هذا الفن من
التأريخ قد ظهرا قبل مولد الأهرام بقليل، وهما "الكافي في تاريخ مصر القديم والحديث"
لميخائيل شاروبيم، و"حقائق الأخبار في دول البحار" لإسماعيل سرهنك، ثم جاءت
الصحافة -وعلى رأسها الأهرام- واحتلت مكانة التأريخ الإخباري دون منازع، فكانت مرحلة
فارقة في التدوين التأريخي.
لسان
كل المصريين (5)
توقفت الأهرام الأسبوعية عن الصدور يوم الخميس (28 من محرم
1298هـ= 30 من ديسمبر 1880م) أي بعد (232) أسبوعا من صدورها، احتجبت خلالها مرتين إحداهما
بسبب مقال "ظلم الفلاح".
وفي يوم الإثنين صدرت الأهرام اليومية في الإسكندرية في
(1 من صفر 1298هـ = 3 من يناير 1881م)، وحمل هذا العدد رقم (1003). ويذهب المؤرخ الدكتور
"يونان لبيب رزق" في كتابه "الأهرام ديوان الحياة المعاصرة" إلى
أن هذا الرقم هو تسلسل لجريدة الأهرام الأسبوعية، وجريدة "صدى الأهرام" وجريدة
"الوقت" التي أصدرها الأخوان تقلا.
انتقلت الأهرام إلى القاهرة في "شارع مظلوم" في
(رجب 1317هـ= نوفمبر 1899م)، وعرف عنها تأييدها للنفوذ الفرنسي الثقافي والاقتصادي
في مصر، ولم يكن ذلك ناجما عن ميلها الشديد إلى فرنسا فقط بقدر ما هو ناجم عن كراهيتها
للاحتلال الإنجليزي، برغم انتقاداتها الشديدة للثورة العرابية وزعيمها أحمد عرابي.
وقد بدأت الأهرام في مهاجمة الاحتلال الإنجليزي في (ربيع
أول 1301هـ= يناير 1884م) ووقفت ضد سياسة إخلاء السودان من الجيش المصري، وتعطلت شهرا
عن الصدور بسبب هذا الموقف، وناصرت الزعيم الوطني مصطفى كامل، وفتحت صفحاتها لنشر مقالاته،
كما حاربت الإنجليز في خططهم في قناة السويس والتعليم، وكان لها أثر كبير في رفض أعضاء
"مجلس شورى القوانين" لميزانية الدولة في (1311هـ= 1893م)، ونادت في
"ثورة 1919" بأنها صحيفة مصرية للمصريين، وفتحت صفحاتها للكتابة الوطنية.
واعتبر البعض أن الفترة التي عاصرت ثورة 1919 كانت استثنائية في حياة الأهرام؛ لأنها
كانت لسان "حزب الوفد المصري"، إلا أنها كانت تنطلق من موقف وطني قومي وليس
حزبيا.
بعد الحرب العالمية الأولى وفي فترة ما بين الحربين زادت
الأهرام من عدد صفحاتها، وتوسعت في معالجة كافة الموضوعات، وأنشأت لأول مرة شبكة من
المراسلين لها في أنحاء مختلفة من العالم، وسبقت جميع الصحف باستعمالها ماكينات طباعة
متقدمة سنة (1339هـ= 1920م)، كما أفسحت صفحاتها للشعراء، مما أذاع صيتهم؛ فنشرت معظم
إنتاج "خليل مطران" و"أحمد شوقي"، وسمت ديوانه بالشوقيات، ولقبت
حافظ إبراهيم بـ "شاعر النيل"، و"خليل مطران" بـ "شاعر القطرين".
وقد تعاقب على رئاسة تحرير الأهرام عدد من الرواد الكتاب
والأدباء، منهم: سليم تقلا، وبشارة تقلا، وخليل مطران، وداود بركات الذي أمضى محررا
ورئيسا لتحريرها (35) عاما، وكان يعد مرجعا لكل حادث في مصر منذ احتلالها، وجبرائيل
تقلا الذي نقل الأهرام نقلة كبيرة، واستخدم أرباح الأهرام في تدعيم وجودها الصحفي بشراء
أحدث المطابع، وقام بتجديد الصحافة شكلا وموضوعا وطباعة، والذي قيل عنه: "كانت
الأهرام تسبق الصحف الأخرى بعشر سنوات، وكان تقلا باشا يسبق الأهرام نفسها بمائة عام
على الأقل".
ويعتبر جبرائيل تقلا من أهم مَن أثر في مسيرة "الأهرام"؛
لأنه وضع لها عددا من التقاليد ما زالت تسير عليها حتى الآن، منها أن تكون جريدة لجميع
المصريين وليست جريدة سلطة أو حزب، ولا تهبط في خصومتها إلى حد الإسفاف والقدح الشائن.
ورأس تحرير الأهرام أيضا "أنطوان الجميل" الذي
كان يؤمن بالوقوف في الوسط إذا تنافرت الأحزاب، وضرورة أن يمتلك الصحفي الحس الأدبي،
ووجوب الأمانة الصحفية قبل السبق الصحفي؛ إذ كان شعار "الصحافة أولا" في
الأهرام هو الغالب فيها، فـ"لم يكن للأهرام طعم ولا لون خاص، ولكن كانت تجمع في
صفحاتها كل الألوان والأطعمة، تقدمها في براعة ورقة وأمانة". ورأس تحريرها أيضا
"أحمد الصاوي" و"عزيز مرزا" و"محمد حسنين هيكل" و"علي
أمين" و"أحمد بهاء الدين" و"يوسف السباعي"، و"علي حمدي
الجمال"، و"إبراهيم نافع".
الكتاب البارزين
تضم قائمة من تولوا مسؤولية إدارة الأهرام، ورئاسة
تحريرها على مدار 130 عاما عدد كبيرا من أعلام الصحافة والأدب من بينهم: نجيب
محفوظ (1911–2006)، في عام 1988 حصل على جائزة نوبل في الأدب ،احمد المسلماني ، سلامة
موسى ، طه حسين ، زكي نجيب محمود ، يوسف إدريس ، إحسان عبد القدوس، محمد حسنين
هيكل ، إدوارد سعيد ، حمید دباشی ، أهداف سويف ، صباح حمامو ، أنيس منصور ،عزمي بشارة
، فكرى اباظة وغيرهم .
وحرص الأهرام منذ نشأته على تقديم النخبة من الأدباء
والمفكرين لقرائه عبر مقالات دورية من بينهم: أحمد لطفي السيد، ومحمود سامى
البارودي وأحمد شوقي ومصطفى لطفى المنفلوطى، والعقاد، وتوفيق الحكيم، وبنت الشاطئ
وثروت أباظة، ولويس عوض، وعبد الرحمن الشرقاوي وأحمد بهجت.
كما تضم أحدث مكتبة علمية تستعين بالكمبيوتر لخدمة البحث
العلمي، ووكالة الأهرام للتوزيع، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومعهد
الأهرام الإقليمي للصحافة، والإعلانات، ووكالة الأهرام للإعلان، والإعلانات المبوبة،
وإعلانات الإصدارات، وبعض أنشطة مركز أماك، وتشمل أحدث مركز تدريب في مجال الحاسبات،
والنشر الالكتروني، وخدمات الإنترنت، والأرشيف الالكتروني، ومركز الأهرام للتنظيم وتكنولوجيا
المعلومات، وقاعات للندوات، وقاعة كبرى للمؤتمرات، مجهزة بأحدث الوسائل السمعية والبصرية
والترجمة الفورية، تسع 500 شخص، وقاعة معارض كبيرة، ومسجد يسع حوالي 400 مصل، وأستوديو
الأهرام لخدمات الفيديو. وتضم منشآت الأهرام في قليوب مطابع الأهرام التجارية وشركة
سيسب وورش المشروعات وورش وكالة الأهرام للإعلان والمخازن. وللأهرام فرع بالإسكندرية
يضم العديد من الإدارات مثل التحرير والإعلانات والتوزيع ومركز الكمبيوتر (أماك)، وكذلك
مبنى العامرية ويضم ورشا ضخمة لوكالة الأهرام للإعلان. منذ يومه الأول، يولى الأهرام
البعد القومي العربي الأهمية الجديرة به، فقد كان على الدوام نافذة للمفكرين والرواد.
حرص الأهرام على أن يقدم لقارئه آراء كبار القادة والعلماء والمفكرين على اختلاف مدارسهم
واتجاهاتهم.
الصحافة اللبنانية
تأثـرت الصحافة اللبنـانية فـي انطلاقتها بالظـروف السياسية
والاجتماعية الـتي كانت تحيط بها، فأتت من نسيج هذا المحيط، ارتدت طابعه ضمن تسلسل
دراماتيكي للأحداث في منطقة الشـرق الأوسـط، وعبرت عـن مطـالب لإصـلاح المجتمع. وكانت
الصحافة العـربية التي سبقت هذه الانطلاقة، تصور في خانة الصحافة الرسمية الناطقة بلسان
الحاكم فقط.
ففي النصف
الأول مـن القـرن التاسع عشر، كانت الدولة العثمانية تتخبط فـي مشكلات خطيرة أبـرزها
التخلف والديون. وكان لا بـد مـن دعوة اصلاح أطـلق صيحتها الأولى بعـض المتنورين أو
المثقفين الأتراك ممن درسوا في معاهد الغرب.
وما يعنينا
مـن موضوع الاصلاح عـلى وجه التحديد هـو ما يختص بالصحافة وقانونها، ولعل من أهم الخطى
التي تسارع فيها الاصلاح العثماني، وكانت في عهد السلطان عبد العـزيز الـذي اعتلـى
العـرش سنة 1861 فأصدر قـانون الولايات سنة 1864، وأتبعـه فـي أواخـر العــام نفسه
بقـانـون المطبوعات العثمـاني، ثم أنشـأ مجـلس الـدولـة سنة 1868 ، وأتبعه قانون المعارف
العثماني سنة 1869. أما في لبنان والولايات الشامية يومئذ فكان جيش إبراهيم باشا قد
رحل عـن بلاد الشام، وكادت إمارة جبل لبنان ان تسقط بعد أن رحل الأمير بشير الشهابي
الثاني عـن الجبل سنة 1840، ليموت فـي منفاه بعد عشـر سنوات، فقسم الجبـل سنة 1842
الى قائمقـاميتين، ثم ما لبثت الفتنة أن عصفت به، بعد أن حركت خيوطها الادارة العثمانية
وغذتها أصابع القناصل والمبعوثين الغربيين (6) .
وفي غـمرة
أحـداث لبنان الأليمة ترافقها غمـرة المحاولات الاصلاحية، كانت الظروف قـد نضجت وباتت
مهيأة لصدور أول صحيفة عربية فـي لبنـان والمشـرق العـربي وقـد تجـلت الخطوة الأولى
على طريق نشأة الصحافة العربية في ظهور "الوقائع" المصرية، التي أصدرها الخديوي
محمد عـلي بـاشا فـي القاهـرة سنة 1828. بيد ان "الوقائع" صحيفة رسمية لا
تعـد دورية سياسية ولا يعـول عليها ، لـذا اعـتبرت "حديقة الأخبار" الـتي
أصدرها خليـل الخـوري (1836 – 1907) فـي بيروت مطـلع كـانون الثـاني 1858 أم الصحف
العـربية وأول دوريـة سياسية غير رسمية تصدر على الأرض العربية.
وتقول الكاتبة ليلى حمدون (7) في استعراضها الصحف العربية
التي صدرت في ذلك العهد في العالم: "نجد أن أغلبها صدر عن لبنانيين أو كان للبنانيين
فضل في إصدارها، كالكونت رشيد الدحداح الذي أصدر جريدة "برجيس باريس" عام
1858، وأحمد فارس الشدياق الذي أصدر "الجوائب" في إسطنبول عام 1860.
أما ثاني جريدة صدرت في لبنان، فهي "نفير سوريا"،
التي أسسها المعلّم "بطرس البستاني" العام 1860 في بيروت، وكانت تدعو الى
الوحدة الوطنية إثر مذابح 1860 الطائفية.
وما إن أطل العام 1870، حتى اندفع اللبنانيون الى إصدار الصحف
في بيروت بكثرة مدهشة، حتى أنه صدر في هذا العام سبع جرائد ومجلات، أهمها:
- "البشير"، وقد أنشأها الآباء اليسوعيون، وكانت
تصدر أسبوعية وتتضمن فضلاً عن المقالات الدينية أخباراً عامة، وقد اتخذت شعاراً لها
"تعرفون الحق والحق يحرّركم". وبعد الحرب العالمية الأولى، أخذت تصدر يومية
الى أن توقفت عن الصدور عام 1947.
- "الجنة"، أصدرها سليم البستاني في بيروت العام
1870، وكانت أسبوعية تجارية أدبية، وقد اشتهرت بجلب الأخبار البرقية على حسابها الخاص،
ثم أخذت تصدر مرتين في الأسبوع حتى سنة 1881، فصارت تُطبع في المطبعة الأدبية لصاحبها
خليل سركيس. حينئذٍ، إتفق المعلم بطرس البستاني صاحب "الجنان" وسليم البستاني
صاحب "الجنة" و خليل سركيس صاحب "لسان الحال"، على ضمّ هذه الصحف
الى إدارة واحدة ومطبعة واحدة. وظلت "الجنة" تصدر بطابع مستقل حتى وفاة صاحبها
عام 1884، فتحوّل الامتياز الى أخيه خليل الذي أصدرها مدة عامين، ثم أوقفها بسبب اشتداد
الرقابة على الجرائد في تلك الفترة.
أما "الجنان" التي أصدرها المعلم بطرس البستاني
عام 1870، فقد كانت تصدر مرتين في الشهر، وكان
شعارها "حب الوطن من الإيمان". وقد اشتهرت في جميع الأقطار العربية نظراً
لذيوع شهرة صاحبها، وتأليفه لقاموس "محيط المحيط" وكتاب "دائرة المعارف".
وبعد وفاته سنة 1883، تحوّل امتيازها الى إبنه سليم ثم نجيب، ثم توقفت سنة 1887.
في نفس العام، أنشأ القس لويس صابونجي "النحلة"،
وكانت أسبوعية تتناول مختلف المواضيع ما عدا الدين والسياسة. وكانت حسنة التبويب كثيرة
المباحث، واستمرت في الصدور حتى العدد 31 منها، حيث أمر راشد باشا والي سوريا بتعطيلها"(8)
.
جريدة الحياة
في صباح الإثنين، 28 يناير 1946، الموافق 25 صفر 1365هـ،
صدر العدد الأول من جريدة " الحياة " اليومية، في بيروت (9) وكان اسم الجريدة،
بالرسم الذي ما زالت تحتفظ به إلى اليوم، يتصدر الصفحة الأولى ويعلوها، ولكنه يميل
إلى شطرها الثالث، على يسار الصفحة. أمّا يمين الصفحة، فيعلوه عنوان الباب الافتتاحي
الثابت، " قل كلمتك وامش! " ، بالأسود، من غير عنوان خاص بالافتتاحية، على
خلاف المقالات الافتتاحية التالية، التي وُسمت كلها بعناوين خاصة. ويذّيل الافتتاحية،
توقيع " صاحب " الصحيفة " ورئيس تحريرها المسؤول "، كامل مروّة.
وقد أعلنت " الحياة "، في صدر صفحتها الأولى، كذلك، إلى يسار الاسم، ثمناً
للعدد الواحد وصفحاته الأربع، بلغ 15 قرشاً لبنانياً.
وكان في بيروت يومئذٍ 55 صحيفة يومية، صدر أكثرها للإفادة
من كميات الورق، التي كانت سلطات الانتداب الفرنسي توزعها على الصحف، بسعر سبع ليرات
لبنانية للماعون ( الرِّزْمة من الورق )، بينما يباع الماعون في السوق الحرة، بأكثر
من سبعين ليرة .
تأسيس جريدة الحياة (10)
باشر كامل مروّة عمله الصحافي، في صيف 1932 في جريدة
" النداء "، لسان حزب النداء القومي، التي كان يصدرها كاظم الصلح. وانتقل
بعدها إلى العمل في جريدة " النّهار " اللبنانية، عام 1937، تحت رعاية الأستاذ
جبران التويني، وإلى جانب زميله القاص توفيق يوسف عواد. واستمر في العمل فيها، حتى
نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939. واضّطر كامل مروّة في صيف عام 1941 إلى مغادرة
لبنان هرباً من سلطات الانتداب الفرنسية، بسبب نشاطه السياسي. فلجأ إلى تركيا ثم إلى
ألمانيا فبلغاريا حيث التحق بالجماعات السياسية العربية، التي نشطت في بلدان المحور
في ذلك الوقت .
وكان كامل مروّة، عندما نشبت الحرب العالمية الثانية، في
صيف 1939، قد آنس في نفسه القدرة، على إصدار صحيفة أسبوعية يستقل بها. وقد مرت ثماني
سنوات على ابتداء تدرّبه، وعلى انتهائه من دراسته الثانوية. فأصدر، وهو، ما زال يعمل
في " النّهار " محرراً، " الحرب الجديدة المصورة ". والأرجح أن
كامل مروّة لم يبالغ في امتداح باكورته الصحافية المستقلة، مع أحد أعلام الصحافة الأدبية
وصاحب دار المكشوف، فؤاد حبيش، " الشيخ " الماروني، حين كتب في مقالته الاسترجاعية
في 1966، أن دوريته المصورة صادفت " رواجاً عظيما ً"، من غير أن يعلل رواجها.
وقد يكون السبب في رواجها اعتماد صاحبها، منذ ذاك الوقت، على وسائل الإعلام الصحافي
المبتكرة والمتجددة، ومنها الصّورة. وشهدت السنوات، التي توسطت الحربين العالميتين،
ولا سيما تلك التي سبقت الحرب الثانية، تطوراً واسعاً لأساليب الدعاوى السياسية. واستفادت
الصّحافة من المنافسة على التأثير في الرأي العام، فاستخدمت على نحو مكثّف الصور الفوتوغرافية.
وأُخرج الخبر، وجرى تنضيده الطباعي، على شاكلة البيان الحزبي، فعلاه العنوان المكتوب
بحروف بارزة، ولُخّص العنوان والخبر، تلخيصاً قوي العبارة، وكُتبت الأخبار بلغة سهلة
المأخذ، وقريبة من أفهام الجمهور والعامة. ولم يفتأ منشئ " الحياة "، من
بعد، متنبهاً، طوال العقدين اللذين رعى في أثنائهما صحيفته، على كل جديد يطرأ على الصحافة،
تحريراً أو طباعة أو إخراجاً.
عاد كامل مروّة إلى بيروت في بداية عام 1945، فاعتقلته السّلطات
الفرنسية لمدة شهرين وعشرة أيام ، باشر بعدها التحضير لإصدار الجريدة اليومية الرقم
56 في لبنان عام 1945. ولقي تشجيعاً من زملائه الصحافيين، خاصة جبران التويني، الذي
أفرد له غرفة لإصدار الجريدة في مبنى جريدة " النهار "، في سوق الطويلة،
في ذلك الوقت. أمّا التشجيع الأكبر فكان من زميله وصديقه ناصيف مجدلاني، الذي وضع تحت
تصرفه مجلته " الحياة الرياضية "، ذات الامتياز اليومي، بعد أن رفضت وزارة
الداخلية اللبنانية منح كامل مروّة ترخيصاً لجريدته الجديدة. وهكذا صدرت " الحياة
" في أعدادها الأولى تحت هذا الاسم " الحياة الرياضية "، الذي استمرت
تصدر به حتى عام 1946، عندما منحت الحكومة اللبنانية كامل مروّة، امتيازاً جديداً باسم
" الحياة " .
تولى
كامل مروّة رئاسة التحرير في جريدة " الحياة "، منذ مرحلة التأسيس. واستمر
كذلك حتى تاريخ اغتياله في مكتبه، في مبنى الجريدة الكائن في منطقة الخندق الغميق،
في وسط بيروت مساء الإثنين 16 مايو 1966م، الموافق 20 محرم 1386هـ.
خلال مسيرته الصحافية، أيّد كامل مروّة ثورة الضباط الأحرار
في مصر عام 1952. لكن هذا التأييد ما لبث أن تحول إلى فتور، بعد تولي الرئيس جمال عبد
الناصر مقاليد السلطة، وتبنّيه سياسة عربية صِدامية، وجنوحه نحو الاشتراكية واليسار.
وقد ساندت " الحياة " فكرة انضمام الدول العربية، إلى مشاريع التحالف، التي
اقترحها الغرب في الخمسينات، للحدّ من انتشار الشيوعية، فيما عرف بحلف بغداد عام
1955، ومبدأ أيزنهاور عام 1957. ورأت لهذا الانضمام مردوداً يعزز الموقع الدولي للعرب،
في صراعهم مع إسرائيل ونددت " الحياة "، بشدة، بالحركات الانقلابية، في كل
من سورية والعراق واليمن خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين، معتبرة أن اتجاهها
الماركسي يخنق اقتصاديات تلك البلدان، ويؤذي الوحدات الوطنية، ويزيد العلاقات العربية،
تعقيداً على تعقيد. كما شجبت تدخل العسكر في الحكم، وإلغاءهم المؤسسات الدستورية الشرعية،
وتقليصهم الحريات الشخصية، لشعوب تلك البلدان.
وقفت " الحياة " على الحياد في ثورة 1958(11) في لبنان التي اندلعت بعد سعي الرئيس كميل شمعون،
إلى تجديد ولايته ست سنوات إضافية. وكانت " الحياة " تعارض فكرة التجديد،
لكنها في الوقت نفسه، تؤيد السياسة الخارجية لشمعون، المعادية للتيار الثوري في المنطقة.
وقد غابت افتتاحية كامل مروّة ومقالات الرأي الأخرى، عن صفحات الجريدة فترة ستة أشهر،
إلى أن هدأ الوضع السياسي في البلاد. وعام 1963، وقفت " الحياة " إلى جانب
المملكة العربية السعودية في حرب اليمن منددة بالتدخل العسكري المصري فيها. وناصر كامل
مروّة الملك فيصل بن عبدالعزيز في دعوته، إلى إقامة تضامن إسلامي، لبناء عمق إستراتيجي
للعرب، في مواجهة إسرائيل ولاحتواء الحركات الثورية اليسارية في المنطقة. وكان من الساعين
إلى إدخال إيران في دائرة ذلك التضامن .
خلال مسيرتها الصحافية الممتدة، منذ العام 1946، أدخلت
" الحياة " إلى الصحافة العربية، عدداً من التقنيات على المستوين الفني والإداري.
بدأت " الحياة " الطباعة بأربع صفحات. وتوسعت بعدها حتى صارت عشراً، في العام
الذي اغتيل فيه مؤسسها، وأول رئيس تحرير فيها، كامل مروّة. وفي عام 1948، أصبحت
" الحياة " الصحيفة اللبنانية الأولى، بفضل تغطيتها الميدانية الواسعة لحرب
تقسيم فلسطين، وتوُجت في عام 1952 الجريدة الأنجح إعلانياً في لبنان وعلى المستوى التقني
والطباعي، أدخلت " الحياة " إلى الصحافة العربية في عام 1955، العمود الثامن
إلى ترتيب صفحات الجرائد، عندما صدرت في ذلك العام بإخراج جديد. وكانت الصحف العربية
تصدر قبل ذلك، بسبعة أعمدة عريضة، في تقليد يعود إلى مطلع هذا القرن، وتبنت "
الحياة " تقنيات متقدمة نسبة إلى ذلك الزمن، سّهلت إنتاج الصور الفوتوغرافية،
وسرّعت عملية الطباعة، الأمر الذي نقل الصحافة العربية من الحرفية، إلى التصنيع.
افتتحت " الحياة " عام 1964 أول طابعة "أوفست" في العالم العربي،
مما مكّنها من الصدور بالألوان للمرة الأولى. وساهمت من خلال إعادة صدورها في لندن
عام 1988، بإدخال تقنية النشر المكتبي إلى الصحافة العربية. ولئن شاع اليوم استخدام
تكنولوجيا النشر المكتبي، والاعتماد على الكمبيوتر، في إنتاج معظم الصحف العربية، فإن
مؤسسة " الحياة " كانت السّباقة في هذا المجال، وهي وحدها تحملت عناء التجربة
وتكاليف التطوير. وفي العام 1995، بدأت " الحياة " في إصدار محتوياتها على
أقراص مدمجة، مفتحة بذلك دخول تقنية النشر على الوسائط الإلكترونية، إلى عالم الصحافة
العربية.
وعلى مستوى التطور، الذي طرأ على عدد الصفحات والطبعات، بدأت
" الحياة " في أكتوبر 1998 صدورها بعدد 12 صفحة، ارتفعت إلى 14 صفحة في أقل
من عام، في أبريل 1989، ثم ارتفعت مجدداً إلى 16 صفحة في يونيه من العام نفسه. وفي
يونيه 1991، صدرت " الحياة " في 20 صفحة، وارتفع العدد إلى 24 في نوفمبر
1994، واليوم تصدر " الحياة " في 28 صفحة منذ أبريل الماضي. ومنذ انتقال
رخصة إصدار الصحيفة إلى الناشر صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان حتى اليوم،
بلغ عدد مكاتبها اثني عشر مكتباً، توزعت على عواصم القرار في الولايات المتحدة الأمريكية
وأوروبا والعالم العربي، وإلى جانب المكتب الرئيسي في لندن، فتحت المكاتب الأخرى في
واشنطن ونيويورك وباريس، وموسكو والرياض وجدة، والمنامة، والقاهرة وبيروت ودمشق والرباط.
وعلى مستوى الطبعات، بدأت " الحياة " بطبعة واحدة
في لندن، تلتها طبعة صيفية في مرسيليا، ثم طبعة في ألمانيا ثم طبعة في القاهرة وطبعة
الخليج، ثم طبعة بيروت وطبعة نيويورك وطبعة المغرب في 1 سبتمبر 1997.
خلال الفترة القصيرة، التي تولى جميل مروّة فيها رئاسة التحرير،
عاصرت " الحياة " الإعلان الإسرائيلي لسياسة القبضة الحديدية، في الضفة الغربية،
وقطاع غزة وقبول إيران قرار مجلس الأمن الرقم 598، لوقف إطلاق النار في الحرب الخليجية،
بين إيران والعراق وتابعت اعتراف المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته التاسعة عشرة،
التي انعقدت في الجزائر بقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338، وإعلان الدول الفلسطينية
المستقلة. وشهدت "الحياة" بداية انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان ونزع
سلاح الكونترا في أمريكا الوسطى، وإطلاق فتوى الإمام الخميني بهدر دم الكاتب البريطاني
سلمان رشدي، وما رافقها من تداعيات العلاقة بين الدول الإسلامية والغربية، وفضيحة إيران
جيت، واعتصامات الطلاب الصينيين في ساحة تيانانمين، في بكين
اما الفترة من مايو 1989 إلى مايو 1998 وبعد مغادرة جميل
مروّة منصب رئيس التحرير، تحول جهاد الخازن من رئاسة مجلس الإدارة إلى رئاسة التحرير،
واستمر في هذا المنصب حتى نهاية مايو 1998، حيث انتقل إلى منصب المستشار الإعلامي للناشر
صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مع استمراره في الكتابة اليومية
للحياة . لم يستهل الخازن انتقاله إلى مركز رئيس التحرير، بافتتاحية يؤكد فيها السياسة
العامة للجريدة، أو يظهر فيها انتقال الجريدة إلى حقبة جديدة. ولكنه اكتفى بالإشارة
إلى الخطوط العريضة، التي تلتزمها الجريدة في تعاملها مع الأخبار والأحداث، من خلال
زاويته اليومية " عيون وآذان "، التي بدأها مع إعادة صدور الجريدة من لندن.
في الثالث من أبريل 1993، نشرت " الحياة " في الصفحة
الأولى افتتاحية تحت عنوان " رأي الحياة "، تضمنت إحدى الرسائل، التي وجهها
صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الناشر ومالك الترخيص، إلى رئيس
التحرير جهاد الخازن في 24 نوفمبر 1990، حول سياسة الجريدة واستراتيجيتها، وكيفية تعاملها
مع الأحداث، ورسالتها الإعلامية بشكل عام. الجديد في هذه الافتتاحية هو الإشارة للمرة
الأولى، أن ناشر الصحيفة ومالك تراخيصها، هو صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان
بن عبدالعزيز أمّا ما ورد في الرسالة، التي تضمنتها الافتتاحية، التي جاء نشرها تأكيداً
للمبادئ الإعلامية، التي ترتكز عليها الجريدة والأهداف، التي تسعى إلى تحقيقها .
خلال تولي جهاد الخازن رئاسة التحرير، عاصرت " الحياة
" عدداً من الأحداث المهمة، على مستوى المنطقة العربية، وعلى مستوى العالم. فقد
أيّدت " الحياة " اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان ووقفت ضد
الغزو العراقي للكويت، وأصدرت في الثاني من أغسطس 1990 عدداً مسائياً خاصاً لتغطية
تفاصيل الغزو، ورافقت تفاصيل عملية " عاصفة الصحراء "، التي حررت دولة الكويت
وشهدت انطلاق عملية السلام بين العرب وإسرائيل من مدريد، كما شهدت تعثرها؛ والانهيار
التام للاتحاد السوفيتي، وتفكك الكتلة الاشتراكية، والاتحاد اليوغوسلافي، ونشوب حرب
البوسنة والهرسك. وعاصرت الحرب الأهلية والمجاعة في القرن الأفريقي، والمذابح الجماعية
في غرب أفريقيا، والحرب الأهلية اليمنية ( عام 1994 ).
تعرضت " الحياة " في بداية العام 1997، إلى موجة
من الرسائل المفخخة، بدأت برسالتين وجهتا إلى مكتب الجريدة في واشنطن ، تبعتها موجة
أخرى من الرسائل، إلى المكتب الرئيسي للجريدة في لندن، وإلى مكتب الجريدة في الأمم
المتحدة في نيويورك وقد انفجرت إحدى الرسائل التي وجُهت إلى المكتب الرئيسي، في لندن،
وأدّت إلى جرح اثنين من حرس المبنى .
لم توجّه إدارة الجريدة الاتهام إلى أحد، وتولى التحقيق في
الاعتداء أجهزة أمن عربية وأوروبية وأمريكية، أمّا الموقف الرسمي للجريدة من هذا الاعتداء
فقد جاء في مقالة للناشر، صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز عدّد
خلالها الاحتمالات وراء الاعتداء، من دون توجيه اتهام لأي طرف أو دولة .
في الأول من يونيه 1998، تسلم جورج سمعان منصب رئيس التحرير،
وهو من الذين ساهموا في إصدار الجريدة في لندن، إلى جانب جميل مروّة وجهاد الخازن منذ
العدد الأول في 1988، وتسلم فيها إدارة التحرير حتى يونيه 1993، انتقل بعدها إلى رئاسة
التحرير في مجلة " الوسط "، وهي مجلة أسبوعية سياسية شقيقة لجريدة
" الحياة ".
استهل جورج سمعان منصبه الجديد، بافتتاحية تحت عنوان
" على أبواب الألف الثالث ". قال فيها " إن ما تفخر به المؤسسات الصحافية،
هو البناء على ثوابت لا تتبدل بتبدل العهود، وهو التراث الذي يتجاوز أعمار رؤساء التحرير
والمحررين والعاملين. وما تفخر به " الحياة " هو وفاؤها لرسالتها، على الرغم
من المتغيرات، التي طرأت على أجهزة التحرير، منذ ولادتها في عهد مؤسسها المرحوم كامل
مروّة، قبل نصف قرن ونيف. وما تفخر به هو الخط المميز، الذي رسمه لعهدها الثاني صاحب
السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان، وثوابته الاستقلالية والمصداقية والنزاهة والموضوعية،
في نقل الخبر وتقديم التحليل والرأي الآخر، واحترام القيم والمبادئ. هذه الثوابت ـ
القواعد، حولت " الحياة " مشروعاً إعلامياً عربياً، لم يكن ليحظى بهذا القبول
والانتشار، لو أنه استند إلى بقعه جغرافية معينة. كانت القاعدة المركزية وستظل، العالم
العربي كله. وكان التوجه، وسيظل، إلى القارئ العربي أينما كان. وهذا ما حقق التواصل
المطلوب مع كل القراء، متجاوزين الحواجز والحدود بين الدول والأنظمة على اختلافها وتلاقيها
وتصادمها ". وذكر سمعان في افتتاحيته أن هذه الثوابت، توافرت لها قاعدة صلبة من
أحدث التقنيات مما جعلها " في الطليعة الرائدة، فهزت مؤسسات إعلامية كثيرة وأخرجتها
من رتابتها، وأصابتها بما يشبه " العدوى الصحية ". فبدت " الحياة
" كأنها تتوالد في صحف أخرى وبلدان أخرى، وهذه شهادة للنموذج الأصل الثابت
".
عقدت " الحياة " خمسة مؤتمرات، بحضور رئيس وأعضاء
مجلس إدارة المؤسسة، ورؤساء الأقسام، والصفحات، والتوزيع، والإعلانات. انعقد المؤتمر
الأول في 17 سبتمبر 1994، بلندن، والمؤتمر الثاني في 15 يناير 1995، بالقاهرة والمؤتمر
الثالث في الأول من مارس 1997، بالدار البيضاء، والمؤتمر الرابع في 4 نوفمبر 1998،
بدبي، والمؤتمر الخامس في 29 نوفمبر 1999، ببيروت .
جريدة الوزراء العراقية
تم صدور جريدة الزوراء العراقية على يد مؤسسها الوالي مدحت
باشا. الذي جلب لها مطبعة من باريس عام (12) 1869، اسماها بمطبعة(الولاية). فكانت المطبعة
والجريدة صنوين لعمل واحد. صدرت الزوراء ومنذ عددها الأول باللغتين العربية والتركية
وبالحجم المتوسط، بثماني صفحات، ثم بأربع صفحات، حتى عام 1908 م. ومع جريدة الزوراء،
صدرت صحيفتان رسميتان(13) تأسست الأولى في
الموصل وسميت بـ(الموصل) اما الثانية التي صدرت في البصرة فإنها اخذت كزميلتها اسم
المدينة اسما لها فسميت بجريدة(البصرة) تأسست الأولى بعد تأسيس الزوراء ومطبعة الولاية
في بغداد، وذلك في عام 1875، وصدرت باللغتين أيضا. لكنها وبعد احتلال القوات البريطانية
للموصل عام 1918، ما فتئت ان تحولت إلى لسان حال السلطات البريطانية فترة من الزمن،
اما جريدة(البصرة) فقد حصلت على امتياز صدورها في البصرة عام 1889 على يد جلبي زادة
محمد علي، الذي كان يومذاك رئيسا لكتاب دائرة الاملاك السنية في البصرة. على غرار جريدة
الزوراء البغدادية، صدرت صحيفتا(الموصل) و(البصرة) اللتان حملتا اسمي مدينتيهما فكما
أن الأخيرة لم تصبح رسمية محضة على نحو ما كانت عليه سابقتاها. غير انه من المفيد ذكره
ان اعتماد حكومة السلطنة على (الزوراء) كان مرتبطا ومؤشرا على اهمية هذه الصحيفة ولكونها
احدى أهم وسائل اعلام الحكومة العثمانية في العراق على غرار ما حدث في سوريا. مع ما
كان لها من هامش الحرية والمجاهرة بالحق طوال حكم مدحت باشا. الا انه بعد مغادرة الأخير
منصب الولاية عام 1874، وتضييق نطاق هذا الهامش من الحرية فقد غدت المصانعة ديدنها،
وابتعد عنها كتابها المجيدون فأصبحت اعدادها إلى يوم سقوط بغداد في 11/3/1917 عبارة
عن جعال(واحدتها جعالة) : خرقة ينزل بها قدر الطعام) لا غير. بل انحطت دركات عندما
أصبحت جريدة تركية العبارة ليس فيها ما يهم الناس قراءته. لعل أهم أسباب هذا التدهور،
يعود إلى الحد من حرية النشر وتقييده. هذا التقييد الذي ظل ساريا كلما تقدم الاعلام
بحكم السلطان عبد الحميد، حتى افضى الحال إلى اعلان الدستور سنة 1908. عندئذ صدر قانون
جديد سمح بموجبه لصدور صحف غير حكومية في العراق . ليس بالوسع تسميتها صحف اهلية بالمعنى
الدقيق رغم ما عبرت عنه صحف قليلة .
تولى تحرير الجريدة عند صدورها الصحافي والكاتب التركي المعروف
احمد مدحت افندي ( 1844 – 1912 ) . وكان في الجريدة اقسام عديدة منها للتحرير والترجمة
والخط والترتيب .
وكانت تصدر بأربع
صفحات من الحجم المتوسط صفحتان باللغة التركية وصفحتان باللغة العربية وقد ظلت ازدواجية
اللغة صفة لازمت معظم الصحف العراقية حتى الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1917 .
يرتبط تأريخ جريدة
زوراء بأمر مهم ذلك هو قيام الوالي مدحت باشا بأنشاء اول مطبعة آلية في بغداد سنة
1869 وقد جلب مدحت باشا معدات هذه المطبعة من باريس وذلك بعد وصوله العراق مباشرة وقد
اعد مدحت باشا مشروع الجريدة قبل ان يغادر استانبول متوجها الى العراق مصطحبا مجموعة
من المختصين والفنيين والمحررين ابرزهم الكاتب والصحافي التركي احمد مدحت افندي اضافة
الى مدير المطبعة ومهندس لصيانة آلات المطابع وقد سميت المطبعة باسم مطبعة الولاية
وفور تشغيلها اخذت تتولى طبع جريدة الزوراء .
كانت جريدة الزوراء
في عهد مدحت باشا صريحة اللهجة تدون الوقائع بحرية وتصدح بالحق وكان لمعرفة مدحت باشا
بأفكار الثورة الفرنسية وتحمسه لها اثر كبير في هذا الاتجاه لذلك كانت زوراء في اعدادها
الاولى رائدة للأفكار الحرة لما تظهره من الجرأة والاقدام .
اعتادت جريدة الزوراء
على نشر نصوص المراسم (الفرامين ) التي يتعين بموجبها الولاة فمنذ عددها الاول نشرت
صورة الفرمان الذي يعين بموجبه مدحت باشا واليا على بغداد .
وكانت جريدة الزوراء
تنشر اخبار شؤون ولاية بغداد واحوالها ونصوص القوانين والاوامر السلطانية ونصوص المعاهدات
واخبار حركات العشائر وتتابع علاقات العراق بالدول المجاورة كما اهتمت الجريدة بمتابعة
اوضاع العراق الزراعية والصناعية ونبهت المسؤولين الى خطورة مظاهر التأخر في نواحي
الحياة الاقتصادية واشارت الى قدم وتخلف وسائل الانتاج المستخدمة في العراق . الأ ان
اخطر ما نشرته الجريدة هو تعليمات وزارة التجارة العثمانية في استانبول حول حث المزارعين
على زراعة الافيون بدلا من الحنطة باعتبار محصول الافيون اكثر تجارة ومحصوله فيه فائدة
زائدة .
ونشرت الزوراء اخبارا
عن خطوط التلغراف في انحاء الولايات العراقية ومن ذلك مانشر عن مد خط تلغرافي بين بغداد
ومركز قضاء بدرة . وتولت جريدة زوراء نشر قصائد
الشعراء العراقيين المعروفين خلال فترة صدورها وابرز من نشر لهم في جريدة الزوراء الشاعر
احمد عزت باشا الفاروقي العمري الموصلي وجميل صدقي الزهاوي . واحتلت مدرسة الصنايع
في بغداد اهتمام الزوراء وكما هو معروف فإن
هذه المدرسة أنشأها مدحت باشا لتكون معهدا فنيا انتاجيا .
لكن الجريدة سرعان
ما اصابها ما اصاب الصحافة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني 1876 - 1909 من الضغط
والتشديد وخنق الحريات لذلك تغيرت لهجتها وبدأت تميل الى المدح والاطناب وظلت مدة قصيرة
بعد تولي السلطان عبد الحميد الحكم تناضل من اجل الحرية .وسرعان ما وقعت الزوراء تحت
تأثير سياسة التضييق فراحت تكثر من التزويق اللفظي والسجع المتكلف والمديح المبالغ
فيه للسلطان وللوالي كما انها كانت تعاني من النقص في الورق وتعاني من صعوبات فنية
في مطبعة الولاية واخذت تخرج للقراء بشكل رديء جدا .
وبعد ذلك أخذت تصدر
باللغة التركية فقط الاّ انها عادت تنشر باللغة العربية اعتبارا من العدد الصادر في
12 تموز 1913 اثر الانتقادات التي وجهت اليها من قبل المثقفين العراقيين .
إن الباحثين توصلوا
الى حقيقة وهي ان جريدة الزوراء تعد مصدرا مهما من مصادر تأريخ العراق في الفترة بين
1869 – 1917 ، فهي تمثل قيمة تاريخية كبيرة لأنها تعكس اوضاع العراق السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية ومستوى تفكير سكانهم وهمومهم وتطلعاتهم الى حياة افضل خلال حقبة
مهمة من تاريخ العراق الحديث والاحتفاء بها وتوجيه الانظار اليها يعد مسألة علمية ووطنية
جديرة بالاحترام والتقدير.
المصادر:
1-
عبد اللطيف حمزة ، قصة الصحافة العربية ، دار الفكر
العربي ، القاهرة ، 1985
2-
هادي نعمان الهيتي ،التصال الجماهيري المنظور الجديد ،
الموسوعة الصغيرة ، بغداد 1988
4-
فليب دي طرازي ، تاريخ الصحافة العربية ،ج1، المطبعة
الادبية ، بيروت 1913
5-
محمد سيد محمد ، الصحافة سلطة رابعة ، مطبعة الشعب ،
القاهرة 1979
6-
فليب دي طرازي ، مصدر سابق
7-
ليلى حمدون ، الصحافة اللبنانية منذ نشأتها حتى الحرب العالمية
الاولى ، موقع وزارة الاعلام اللبنانية http://www.ministryinfo.gov.lb/
8-
ليلى حمدون ، مصدر سابق .
9-
عبد اللطيف حمزة ، مصدر سابق
12-
خالد حبيب الراوي ، تاريخ الصحافة والاعلام في العراق
منذ العهد العثماني حتى حرب الخليج الثانية ، دار صفحات للنشر ، دمشق 2010
13-
روفائيل بطي ، الصحافة في العراق ، الجامعة العربية ،
القاهرة 1955
تعليقات
إرسال تعليق