نظريات التأثير الإعلامية
مفهوم النظرية:
لا تكاد توجد نظرية
إعلامية واحدة متفق على كيفية عملها، أو تأثيرها في الجمهور بين الباحثين، وإنما يوجد
عدد من النظريات التي تقدم تصورات عن كيفية عمل الإعلام وتأثيره، وفي الوقت ذاته تساعد
هذه النظريات على توجيه البحث العلمي في مجال الإعلام إلى مسارات مناسبة، ذلك أن النظرية
تجسد بشكل فاعل تطبيقات وسائل الإعلام في المجتمع .
كما تشرح النظرية
ما تحدثه من تأثير في الجمهور، أو من الجمهور نفسه تجاه الوسائل، أو الرسائل الإعلامية.
بل تتجاوز ذلك أحيانا إلى تقديم تصور عما يمكن أن يحدث مستقبلا. كما تقدم النظرية تصوراً
عن التغيرات الاجتماعية المحتملة وتأثيرات وسائل الإعلام فيها .
والنظرية هي محصلة
دراسات، وأبحاث، ومشاهدات وصلت إلى مرحلة من التطور وضعت فيه إطاراً نظرياً وعملياً
لما تحاول تفسيره، كما أن النظريات قامت على كم كبير من التنظير والافتراضات التي قويت
تدريجياً من خلال إجراء تطبيقات ميدانية .
إن أهم ما يميز
النظرية هو قدرتها المستمرة على إيجاد تساؤلات جديرة بالبحث، إضافة إلى استكشاف طرق
جديدة للبحث العلمي.
أنواع النظريات
الإعلامية:
تزخر أدبيات البحث
العلمي في مجال النظريات الإعلامية، بالعديد من المؤلفات والمراجع العلمية عن النظريات
ونشأتها وتطورها وأنواعها. ويقسم الباحثون النظريات الإعلامية إلى الأنواع التالية:
1- النظريات المتعلقة
بالجمهور. يرتبط هذا النوع من النظريات بالجمهور المستخدم للمواد
الإعلامية. ويقوم هذا النوع من النظريات على أساس أن الجمهور يستخدم وسائل الإعلام
بسبب دوافع نفسية أو اجتماعية. ومن هذه النظريات ما يلي:
أ- نظرية الاستخدام
والإشباع: تفترض هذه النظرية أن الجمهور يستخدم المواد الإعلامية
لإشباع رغبات كامنة لديه، وأن دور وسائل الإعلام هو تلبية الحاجات فقط .
ب- نظرية الاعتماد
على وسائل الإعلام: تعتمد فكرة هذه النظرية على أن استخدامنا لوسائل
الإعلام لا يتم بمعزل عن تأثير المجتمع الذي نعيش داخله، على أن قدرة وسائل الإعلام
على التأثير تزداد عندما تقوم هذه الوسائل بوظيفة نقل المعلومات بشكل مميز ومكثف .
2- النظريات المتعلقة بالقائم بالاتصال: تصنف بعض النظريات
على أنها مرتبطة بالمرسل أو القائم بالاتصال، ومن هذه النظريات ما يلي:
أ: نظرية الرصاصة
أو الحقنة تحت الجلد: تعتمد هذه النظرية على أن وسائل الإعلام تؤثر
تأثيراً مباشراً، وسريعاً في الجمهور، وأن الاستجابة لهذه الرسائل مثل رصاصة البندقية
تؤثر بعد انطلاقها مباشرة.
ب: نظرية الغرس
الثقافي: تفترض هذه النظرية أن الجمهور يتأثر بوسائل الإعلام في إدراك
العالم المحيط به، وتزيد معارفهم، خاصة الأفراد الذين يتعرضون بكثافة لوسائل الإعلام
.
ج: نظرية ترتيب الأولويات: تصنّف هذه النظرية
على أنها من نظريات القائم بالاتصال، ذلك لافتراض النظرية أن وسائل الإعلام هي من يقوم
بترتيب اهتمامات الجمهور من خلال إبراز القضايا التي تستحق، وإهمال قضايا أخرى. فيبدي
الجمهور اهتمامه بهذه القضايا دون غيرها .
3- النظريات المتعلقة
بنوع التأثير الإعلامي الذي تحدثه وسائل الإعلام في الجمهور. وهو على ثلاثة أنواع:
أ: التأثير المباشر(قصير
المدى): يرى هذا النوع من النظريات، التأثير المباشر لوسائل الإعلام
في الجمهور. ومن هذه النظريات نظرية الرصاصة الإعلامية.
ب: نظريات التأثير
التراكمي (طويل المدى): يرى هذا النوع من النظريات أن تأثير وسائل الإعلام
لا يظهر مباشرة، وإنما بعد فترة زمنية طويلة من خلال تراكم المتابعة الإعلامية. ومن
أمثلة هذا النوع نظرية دوامة الصمت القائمة على فرضية: أن قيام وسائل الإعلام بعرض
رأي الأغلبية، يقلل من أفراد الرأي المعارض.
أ: نظريات التأثير
المعتدل لوسائل الإعلام: يرى المنظرون لهذا التصنيف أن وسائل الإعلام
تعمل داخل نظام اجتماعي، وتراعي الخصائص النفسية والاجتماعية للجمهور، وأنه ينبغي مراعاة
جميع الظروف والعناصر المتصلة بالاتصال. ومن هذه النظريات، نظرية ترتيب الأولويات
.
ويناقش هذا المبحث
المدخل الوظيفي لدراسة وسائل الإعلام، ونظرية الاعتماد
على وسائل الإعلام، ونظرية الاستخدام والإشباع، وهي من النظريات
المتعلقة بجمهور الإعلام، لأن هذه الدراسة ترتبط بسلوك فئة من الجمهور وهم طلبة الجامعات
السعودية؛ ذلك أن المدخل الوظيفي يركز على مكانة الإعلام في حياة الناس، ويمكن من خلاله
معرفة مكانة الإنترنت في حياة طلبة الجامعات السعودية في مجال الحصول على الأخبار.
أما نظرية الاعتماد القائمة على الربط بين وسائل الإعلام،
والمجتمع، والنظم الاجتماعية، فهي تحاول فهم
العلاقة بين الإعلام والجمهور، وتركز في هذا على إجابة سؤال: لماذا يتابع الجمهور وسائل
الإعلام لتحقيق الهدف؟. ويمكن من خلال نظرية الاعتماد معرفة مدى اعتماد طلبة الجامعات
مثلا على الإنترنت للحصول على المواد الإخبارية. وتساعد الإنترنت في هذا على زيادة
المعلومات العلمية، والإسهام في عمليات البحث العلمي، لاحتوائها كثيراً من المعلومات
والمعارف المتنوعة، مما يجعل الجمهور يعتمد على الإنترنت كلياً أو جزئياً. ونظرية الاستخدام يمكن من خلالها
تفسير دوافع تعرض طلبة الجامعات لشبكة الإنترنت، ومدى إشباع شبكة الإنترنت لحاجات الطلبة
الإخبارية. فمن الثابت أن الإنترنت تساعد على إيجاد ميول، واهتمامات، وسلوكيات، لدى
الطلبة الجامعيين المستخدمين للإنترنت، تؤثر فيهم سلباً أو إيجاباً . فالاطلاع على
أحدث المعلومات والتعامل مع جهاز الحاسب الآلي يكسب الفرد المستخدم خبرة تكنولوجية،
إضافة إلى المعلومات التي يحصل عليها من الإنترنت. وهذا يشكل اهتمامات وحاجات لم تكن
موجودة من قبل، يسعى الطالب الجامعي إلى تلبيتها من خلال استخدام الشبكة.
ويدرس الباحث نظريات
إعلامية لم ترق بعد إلى مستوى القاعدة التي تم الاتفاق عليها بين الباحثين، فضلا عن
أن تصل إلى مستوى القانون الذي لا يتخلف. ولكن هذه نظريات إعلامية تختلف باختلاف الزمان
الذي يدرس فيه الباحث، أو الجمهور المبحوث، أو مكان البحث. وهذا الأمر متفق عليه بين
الباحثين، فمن الملحوظ أن يأتي باحث غربي يدرس نظرية معينة، فيصل إلى نتائج محددة.
ويأتي باحث شرقي مثلاً، ويطبق النظرية نفسها، والأسلوب نفسه فيصل إلى نتائج مختلفة،
مع أن الزمن واحد. ومرد هذا الاختلاف إلى أن نظريات التأثير لا زالت نظريات قائمة على
فرضيات بحثية، ولا زالت خاضعة للدراسة، والبحث والتطوير.
تعليقات
إرسال تعليق