http://www.almarsa-news.com/?p=26236
في الحرب النفسية : الدعاية المضادة وسبل الاستفادة منها
تعرف الدعاية على انها محاولات للتأثير على الاخرين بقصد التحكم في سلوكهم لتحقيق اهداف واغراض محددة سلفا من قبل من يقوم بالدعاية وذلك باستخدام وسائل الاتصال والاعلام المختلفة التقليدية منها والحديثة الالكترونية ضمن خطة موضوعة ومنظمة لهذا الغرض ، وقد تناول العديد من علماء الاتصال والاعلام مفهوم الدعاية محددين خصائصها ومبادئها وانواعها وجمهورها المستهدف واهم الأساليب النفسية والفنية المستخدمة فيها من اجل تحقيق الأثر في الاخرين او تغيير سلوكهم او مواقفهم بما يخدم اهداف الدعاية بسبب ان الدعاية اهم أساليب الحرب النفسية وتصل الى اكبر عدد ممكن من الناس عبر مسافات بعيدة ، وهناك من الباحثين من يرى ان الدعاية تتداخل مع الحرب النفسية والبعض الاخر يجعلها شيء واحد لكن الواقع ان الحرب النفسية هي اعم واشمل والدعاية احد اساليبها ، اما الدعاية المضادة فهي التي توجه نحو العدو وتعمل ضد دعايته ، وهذا يعني ان الدعاية بشكلها العام توجه الى الجميع افراد ومؤسسات ودول في حين اقتصرت المضادة منها على مواجهة دعاية الأعداء ، والدعاية المضادة ربما تكون جزء من خطة لدعاية هجومية مدبرة يحدد وقتها المناسب في الانطلاق نحو العدو ولها العديد من الأساليب منها ما يعرف بالسبق أي نسبق الأعداء في استخدام احد الموضوعات التي يحتمل استغلالها من قبل العدو فنعمل على تقوية ذلك الموضوع وانهاء سلبياته وبذلك نكون فوتنا على العدو استخدامه ضدنا ، ومنها ما يعرف بالدعاية المضادة المباشرة وهي الحرص على تفنيد ادعاءات العدو أولا بأول من خلال عرض الحقائق والأدلة والثوابت وتكرارها للجمهور بشكل علني واضح في وسائل الاتصال والاعلام وخاصة الالكترونية منها ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ، ومنها الدعاية المضادة غير المباشرة من خلال تقديم موضوعات جديدة مناسبة تكذب دعاية العدو بطريق التضمين والتلميح ، ومن الأساليب الأخرى هي التحويل من خلال جذب انتباه الجمهور او الهدف المخاطب بغرض تحويل انظاره عن الموضوع الأصلي لدعاية العدو بموضوع اخر يدخل ضمن اهتماماته ، ومن الأساليب أيضا ما يعرف بالصمت وهو عندما لا يحرز العدو نجاحا في موضوع ما ولا يستوجب الرد عليه فمن الأفضل تجاهله والتزام الصمت نحوه ، وأخيرا من الأساليب الأخرى للدعاية المضادة أسلوب ما يعرف بتصغير شأن الموضوع واستغلال بعض النواحي فيها لصالح القائم بالدعاية والاكتفاء أحيانا بإشارة صغيرة مختصرة عابرة عنه ثم اغفال الموضوع نهائيا .
ونظرا لما يمر به بلدنا الغالي منذ سقوط النظام السابق عام 2003 والى يومنا هذا من محن وكوارث ومصائب وتكالب القوى المعادية عليه كان لابد من القائمين على إدارة شؤون الدولة بما فيها المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والدينية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المحلي ووسائل الاعلام بالتصدي لكل الدعايات المغرضة التي تستهدف الواقع السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والديني والثقافي والأخلاقي للعراق وشعبه من خلال استخدام الدعاية المضادة وفق خطة مدروسة مبنية على مبادئ منها : تحديد أفكار الأعداء وتقسيمها حسب درجة الأهمية بهدف التصدي لها ، واعداد دعاية مضادة لمهاجمة نقاط ضعف العدو في دعايته الموجهة لنا بعد تحليلها علميا والوقوف على أهدافها ، والرد على الدعايات المغرضة بالحقائق والوقائع ، وعدم الرد على دعاية العدو وهي في اشد قوتها وتأثيرها بل الانتظار الى فترة مناسبة ثم الرد عليها فضلا عن استخدام أساليب التهوين من شأن العدو والاستهزاء به من خلال استخدام أساليب القصص الهزلية والنكات عنه
والمتابع للشأن العراقي محليا وإقليميا وعالميا يلمس بقوة الدعاية السوداء الموجهة ضده من الداخل والخارج بهدف الوصول الى اضعافه والنيل من مكوناته وحضارته ومبادئه حيث نرى ان كل أساليب الحرب النفسية تم ممارستها ضمن هذا المجال من الدعاية والشائعات وغسيل الدماغ باستخدام خطط وأدوات مدروسة من قبل القائمين عليها وتوجيهها الى فئة او فئات معينة من الجمهور العراقي او مؤسساته او حتى اشخاصه المعروفين بتأثيرهم في الساحة العراقية ، ويلمس معها جملة من النجاحات التي حققتها دعاية الأعداء واستغلالها لعوامل الوقت والاحداث المتتالية والجوانب النفسية للجمهور واحتياجاته في تثبيت اهداف دعاياتهم وتحقيق مفرداتها ، وليس الضعف هنا في معرفة نجاح دعاية العدو بل الضعف في مراقبتها دون مواجهتها والتصدي لها بغية افشالها ودحضها .
ان الدعاية المضادة امر مهم وضروري يجب على مفاصل الدولة العراقية العمل على الاخذ به ووضع خطط محكمة لمواجهة الأعداء ودعاياتهم حيث نشير هنا الى ان الجانب الوقائي والعلاجي اهم ما تفرزه الدعاية المضادة من حيث معرفة أساليب دعاية الأعداء والوقوف على مفرداتها ومكوناتها من اجل مواجهة حقيقة تقتضي صد تأثيرات هذه الدعاية بكل قوة ومعرفة واقتدار عن علم وحقيقة وثوابت يمكن لنا من خلالها هزيمة دعايات العدو المختلفة ..
تعليقات
إرسال تعليق